أوثق العُرى.. وأقوى الآواصر..والحبل المتين.. وحائط الصد المنيع.. وصرح الإسلام الشامخ التالد..إنه صرح الأخوة الذى يقوم على الحب والمودة.. ويقوى بالتسامح والتراحم.. ويدوم بالتفاهم والتناصح، وغض الطرف ولين الجانب.. فإن المودة والمحبة سبب التآلف.. والتآلف سبب القوة .. والقوة سبب التقوى .. والتقوى حصن منيع وركن شديد.. بها يمنع الضيم وتنال الرغائب وتنجح المقاصد..
الأخوة.. هى الصرح العظيم الذى جعل أبا ذر يضع خده على التراب ليطئه بلال الحبشى.. والذى جعل أبا بكر يعفو عمن خاض فى عرض ابنته الطاهرة المطهرة العفيفة الشريفة... هذا الصرح الخالد وهذا الطود الأشم الذى على درجه صعد الإسلام وعلا مجده وبزع فجره وسطع نوره وبرق نجمه.. هذه القلعة المنيعة العتيدة التى لولاها ما قامت للدولة الإسلامية قائمة.. هذا الصف الإسلامى المتين المتراص المترابط.. قوى البنان ..مترامى الأطراف.. والذى عمل النبى على بنائه وتشييد لبناته منذ أن وطئت قدمه المدينة المنورة.. فآخى بين المهاجرين والآنصار.. وكلى فخر واعتزاز وأنا استدعى تلك المواقف النادرة الفذة المنقطعة النظير والصعبة المنال.. مواقف الصحابة الأجلاء العظماء حين يعرض الأنصارى على أخيه من المهاجرين أن يطلق له أحدى زوجاته ليتزوجها ويقاسمه داره وماله
- ما أجمل أن يعيش المسلم محباً للناس .. مشفقاً عليهم .. ودوداً بهم.. باراُ لهم.. يألفهم ويألفونه.. يخاف عليهم ويخافون عليه.. يحلم عليهم ويحلمون عليه.. وإن من أولى الناس وأحقهم بحبك وتحنانك .. وبرك وإحسانك.. هم إخوانك الذين شاركوك محنتك وشاطروك أحزانك...
فلماذا التجافى آلان؟ لماذا الفراق والخلاف؟ لماذا التناحر والتراشق بالآلفاظ؟ من أجل ماذا كل هذا البغض؟ أين التحاب والتناصح؟ أين الألفة والمودة؟ أين التسامح والتراحم أين ذهبت محاسن الأخلاق وكريم الصفات؟ أكل ذلك ذهب أدراج الرياح؟
وآه على زمان كنا نقتسم اللقمة.. ويجمعنا غطاء واحد.. وكنا على قلب رجل واحد.. يغفر أحدنا زلة أخيه ويقيل عثرته.. وكان إذا رأى من أخيه أمراً يكرهه أو خلة لا يحبها .. لايقطع حبله ولا يصرم وده بل يداوى جرحه ويستر عورته
- أما آلان فوالله ما رأيت بغضاً ولا كرهاً كهذا الذى أراه بين أفراد الحركة الإسلامية فيما بينهم والأشد مرارة والأنكى قسوة أن تزداد عداوتنا ويكون بأسنا بيننا شديد لأن واحداً منا خرج على رأى جماعته أو أنكر عليهم أمراً رأى عدم جوازه أو أراد أن يصحح مساراً لجماعته أو يقّوم لها ما أعوج من أمرها.. لقد كنتم لنا وكنا لكم ثمر بلا شوك.. وآلان صرنا لكم وصرتم لنا شوك بلا ثمر.. وكان الأولى والأحرى أن نجلس على مائدة الحوار الهادف البنّاء نتجاذب أطراف الحديث ونتناقش فى هدوء وسكينة.. يجمعنا إيمان وقر فى القلب وعمل لرفعة الدين وإعلاءً لراية وطن نعشقه ويعشقنا عشنا فيه وأحبنا وأحببناه فحب الآوطان دين وإيمان وإحسان..
- هيا يا ابناء الإسلام ..هيا يا رسل الخير ويا طلاب الهداية كونوا للناس على الدرب نوراً للحياة.. وفى الحياة صنّاعاً للمحبة ولتكن محبتكم لله وفى الله..
هيا عودوا إلى رشدكم.. واجعلوا الحب زادكم .. والمودة بينكم.., اجعلوا الابتسامة عنوانكم .. جملوا بحلو الكلام حديثكم.. انزعوا الغل والبغضاء من قلوبكم .. ولنعد إلى سابق عهدنا متحابين فى الله .. متوادين فى جنابه .. دعوا التشرذم والفراق.. فما جنينا من ذلك غير سخط الناس وغضب ربهم...وكنا بذلك عوناً لأعداءنا على النيل منا فأصبح كل واحد منا بمفرده للأعداء كالشاه القاصية التى يتربص بها الذئب الجائع
أيحب أحدنا أن يأكل لحم أخيه ميتاً؟ أطابت لنا أعراض بعضنا البعض؟ إإلى هذا الحد صرنا نفاة للخير دعاه للشر ناكرين للجميل جاحدين للمعروف..
- إنى أخاطبكم.. وأنا أقلكم علماً وأدباً .. وأكثركم ذنباً وغضباً.. لكن حبكم من قلبى بمكان.. وعشقكم دين وإيمان.. وقربى منكم ملاذ وأمان.. فهيا نراجع أنفسنا.. وليسعنا ما وسع غيرنا من الخلاف المستساغ فى فروع الدين.. فقد اختلف الصحابة وما كره أحدهم الآخر.. وما سبه ولاشتمه.. وما اتهمه ولا خونه.. بل اقتتلوا وما تطاول أحدهم على مقام أخيه وما اطلق للسانه العنان واخرى له اللثام وتركه يصول ويجول فى أعراض إخوانه..
- أليس لكل واحد منا على أخيه حق بل حقوق.. فليسأل كل واحد منا نفسه .. هل حقاً أدى ما عليه من حقوق لإخوانه؟ ولتكن وقفة مع النفس صادقة.. ومراجعة للضمير نابعة من وجدان حىّ وقلب مفعم بنور الإيمان ومليئ بحلاوة اليقين.
- والله ولا أقسم على غير حق وكلكم على يقين بما أقول.. والله ثم والله لن ينصلح حالنا ولن يستقيم أمرنا وسيظل الخلاف قائماً ما لم نتخلى عن الأثرة والأنة وحب الذات.. ما لم يوجه كل منا لنفسه اللوم والعتاب.. ما لم يقف مع نفسه وقفات ووقفات.. أننا أيها السادة نستنكف عن نقد ذواتنا ولا نتورع عن جلد إخواننا.. صدقونى هى فرصة للمراجعة.. وليبدأ كل واحد بنفسه .. لا تنتظر غيرك يبدء قبلك.. كن أنت إماماً فى الخير.. كن أول الساعين فى المعروف.. كن أول الداعين للإصلاح.. كن أنت أول السائرين للأمام.. ودّع الماضى بهناته وهفواته.. وده بشجونه وأحزانه.. ودعه بأخطائه وزلاته.. وأبدء عهداً جديد ولا تلتفت أبداً إلى الوراء.. افتحوا قلوبكم لحب غيركم فلنعد للقلوب بريقها ولنعد لأمتنا مجدها بين الأمم.. وطريق ذلك معلوم لا يجهله عاقل .. وواضح لا يجحده مستبصر ..الطريق إلى إصلاح القلوب هو أن نجعل من ضمائرنا حكاماً على أفعالنا وما تلوكه ألسنتنا ..
- الحب فى الله يجمعنا على غير انساب بيننا .. ولا مصالح نبتعى نفعها .. إنما ندور مع الحق حيث دار ونكون معه حيث كان.. هيا نجدد العهد ونعاهد الرب.. ونقوم بعمل تربوى طالما نعلمه ولا نطبقه .. نقوم باحلال وابدال.. فأهلاً بالحب بيننا وذهاب بلا رجعة كل كره وبغض... مرحباً بالمودة وداعاً للقسوة.. فليحل التسامح بدلاً من التناحر
- هى دعوة منى إليكم .. يحدوها الأمل ويسوقها التفاؤل .. لنعود للحب ثانية ونتخلى عما يليق بنا كمسلمين فضلا عنا كدعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والله من وراء القصد
5:12 ص
شارك:
0 التعليقات :