ناصر العطار |
روى النسائي وأبو يعلي في مسنده والحديث إسناده حسن عن ابن عباس و ذكره ابن عبد البر -في جامع بيان العلم وفضله (ج 3 / ص 197)
أن ابن عباس رضي الله عنه، قال: « لما اجتمعت الحرورية يخرجون على علي رضي الله عنه قال: جعل يأتيه الرجل فيقول: يا أمير المؤمنين القوم خارجون عليك، قال: دعهم حتى يخرجوا، فلما كان ذات يوم قلت: يا أمير المؤمنين، أبرد بالصلاة فلا تفتني حتى آتي القوم قال: فدخلت عليهم وهم قائلون فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر، قد أثر السجود في جباههم كأن أيديهم ثفن الإبل عليهم قمص مُرَحَّضَة فقالوا: ما جاء بك يا ابن عباس ؟ وما هذه الحلة عليك؟ قال: قلت: ما تعيبون مني فلقد رأيت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن ما يكون من ثياب اليمنية، قال: ثم قرأت هذه الآية { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } (سورة: الأعراف آية رقم: 32) فقالوا: ما جاء بك ؟ قلت: جئتكم من عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم، فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشا فإن الله تعالى يقول: { بل هم قوم خصمون } (سورة: الزخرف آية رقم: 58) فقال بعضهم: بلى فلنكلمنه قال: فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة قال: قلت: ماذا نقمتم عليه ؟ قالوا: ثلاثا فقلت: ما هن ؟ قالوا: حكم الرجال في أمر الله وقال الله عز وجل: { إن الحكم إلا لله } (سورة: يوسف آية رقم: 40) قال: قلت: هذه واحدة وماذا أيضا ؟ قال: فإنه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ولئن كانوا كافرين لقد حل قتالهم وسباهم، قال: قلت: وماذا أيضا ؟ قالوا: ومحا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قال: قلت: أرأيتم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ينقض قولكم هذا، أترجعون ؟ قالوا: وما لنا لا نرجع ؟ قلت: أما قولكم: حكم الرجال في أمر الله فإن الله عز وجل قال في كتابه { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم } (سورة: المائدة آية رقم: 95) وقال في المرأة وزوجها { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } (سورة: النساء آية رقم: 35) فصير الله تعالى ذلك إلى حكم الرجال فناشدتكم الله أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين وفي إصلاح ذات بينهم أفضل أو في دم أرنب ثمن ربع درهم، وفي بضع امرأة ؟ قالوا: بلى هذا أفضل، قال: أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم قال: وأما قولكم: قاتل فلم يسب ولم يغنم، أفتسبون أمكم عائشة ؟ رضي الله عنها، فإن قلتم: نسبيها فنستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم وإن قلتم: ليست بأمنا فقد كفرتم فأنتم ترددون بين ضلالتين، أخرجت من هذه ؟ قالوا: بلى، قال: وأما قولكم: محا نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون، إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: » اكتب يا علي: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله.... « فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو: ما نعلم أنك رسول الله، ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: » اللهم إنك تعلم أني رسولك، امح يا علي واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو « قال: فرجع منهم ألفان وبقي بقيتهم فخرجوا فقتلوا أجمعين ».
أن ابن عباس رضي الله عنه، قال: « لما اجتمعت الحرورية يخرجون على علي رضي الله عنه قال: جعل يأتيه الرجل فيقول: يا أمير المؤمنين القوم خارجون عليك، قال: دعهم حتى يخرجوا، فلما كان ذات يوم قلت: يا أمير المؤمنين، أبرد بالصلاة فلا تفتني حتى آتي القوم قال: فدخلت عليهم وهم قائلون فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر، قد أثر السجود في جباههم كأن أيديهم ثفن الإبل عليهم قمص مُرَحَّضَة فقالوا: ما جاء بك يا ابن عباس ؟ وما هذه الحلة عليك؟ قال: قلت: ما تعيبون مني فلقد رأيت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن ما يكون من ثياب اليمنية، قال: ثم قرأت هذه الآية { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } (سورة: الأعراف آية رقم: 32) فقالوا: ما جاء بك ؟ قلت: جئتكم من عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله جئت لأبلغكم عنهم وأبلغهم عنكم، فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشا فإن الله تعالى يقول: { بل هم قوم خصمون } (سورة: الزخرف آية رقم: 58) فقال بعضهم: بلى فلنكلمنه قال: فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة قال: قلت: ماذا نقمتم عليه ؟ قالوا: ثلاثا فقلت: ما هن ؟ قالوا: حكم الرجال في أمر الله وقال الله عز وجل: { إن الحكم إلا لله } (سورة: يوسف آية رقم: 40) قال: قلت: هذه واحدة وماذا أيضا ؟ قال: فإنه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم ولئن كانوا كافرين لقد حل قتالهم وسباهم، قال: قلت: وماذا أيضا ؟ قالوا: ومحا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين، قال: قلت: أرأيتم إن أتيتكم من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ينقض قولكم هذا، أترجعون ؟ قالوا: وما لنا لا نرجع ؟ قلت: أما قولكم: حكم الرجال في أمر الله فإن الله عز وجل قال في كتابه { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم } (سورة: المائدة آية رقم: 95) وقال في المرأة وزوجها { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } (سورة: النساء آية رقم: 35) فصير الله تعالى ذلك إلى حكم الرجال فناشدتكم الله أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين وفي إصلاح ذات بينهم أفضل أو في دم أرنب ثمن ربع درهم، وفي بضع امرأة ؟ قالوا: بلى هذا أفضل، قال: أخرجت من هذه ؟ قالوا: نعم قال: وأما قولكم: قاتل فلم يسب ولم يغنم، أفتسبون أمكم عائشة ؟ رضي الله عنها، فإن قلتم: نسبيها فنستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم وإن قلتم: ليست بأمنا فقد كفرتم فأنتم ترددون بين ضلالتين، أخرجت من هذه ؟ قالوا: بلى، قال: وأما قولكم: محا نفسه من أمير المؤمنين فأنا آتيكم بمن ترضون، إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: » اكتب يا علي: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله.... « فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو: ما نعلم أنك رسول الله، ولو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: » اللهم إنك تعلم أني رسولك، امح يا علي واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو « قال: فرجع منهم ألفان وبقي بقيتهم فخرجوا فقتلوا أجمعين ».
قرأت هذا الحديث وأثناء قراءتي تذكرت حالنا نحن جموع المسلمين بصفة عامة والمنتسبين إلى التيار الإسلامي بصفة خاصة فرأيت أن حالنا أننا تركنا لا أقول واجب الوقت بل واجب كل الوقت فالحوار هو بالفعل واجب كل الأوقات ومع كل من يخالفني فالخلاف سنة كونية
يقول العلواني 1991
إن الاختلاف في وجهات النظر وتقدير الأشياء والحكم عليها ، أمر فطري طبيعي وله علاقة بالفروق الفردية إلى حد كبير ، إذ يستحيل بناء الحياة ، وقيام شبكة العلاقات الاجتماعية بين الناس ذوي القدرات المتساوية والنمطية المتطابقة ، إذ لا مجال – عندئذ- للتفاعل والاكتساب والعطاء ! ذلك أنه من طبيعة الأعمال الذهنية والعملية اقتضاء مهارات وقدرات متفاوتة ومتباينة ، وكأن حكمة الله تعالى اقتضت أن بين الناس بفروقهم الفردية – سواء أكانت خلقية أم مكتسبة – وبين الأعمال في الحياة قواعد والتقاء ، وكل ميسر لما خلق له ، وعلى ذلك فالناس مختلفون
إذا أيقنا بذلك فلا بد أن نتفاعل مع الآخر تفاعلا بناءا بهدف الوصول إلى الحقيقة – الحقيقة بطبيعة الحال نسبيه – نتفاعل من اجل الوصول إلى الحقيقة أو حتى إلى نقاط التقاء تجمع بيننا
وليكن حوارنا مبنيا على مبدأ "نصف رأيك عند أخيك" ، ومبدأ " التعاون في الاتفاق والأعذار في الاختلاف ".
هذا إذا أردنا أن ننصف الآخر في حوارنا ونتذكر دائما أساس من أعظم أسس الحوار وهو الأساس الذي أجمعت على معناه أئمة الفقه الإسلامي "قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطا يحتمل الصواب
يقول الدكتور محمد المهدي استشاري الطب النفسي " الحوار يمكن أن يلعب دوراً حيوياً وهاماً في خفض مثيرات العنف والإقلال من احتمالات لجوء الأشخاص إلى العنف كوسيلة للتعبير عن أنفسهم أو كطريقة لحل مشكلاتهم أو التخلص من إحباطاتهم ورغم أننا على كل المستويات وفي كل المناسبات ( تقريباً ) نتحدث عن أهمية الحوار ليس فقط كوقاية من العنف وعلاج له وإنما لتحسين نوعية وجودنا الفردي والاجتماعي والإنساني ، رغم كل هذا ، فإن لدينا مشكلات عميقة وعديدة تتعلق بهذه الناحية ، إما بسبب انسداد قنوات الحوار ( كلها أو بعضها ) ، أو بسبب شيوع أنماط غير صحيحة للحوار بيننا . وكلا السببين يؤديان إلى تعطيل عملية التواصل الصحيحة مع ما يتبع ذلك من مشكلات في العلاقات يكون العنف أحد إفرازاتها .
اعلم إن كل من سيقرأ الجملة السابقة سيؤولها لصالح فكرته وسيتهم الآخر بأنه هو من يغلق قنوات الحوار لذلك ارج من الجميع أن يراجع نفسه ويتهم نفسه قبل أن يتهم غيره لا أقول بغلق قنوات الحوار بل الواجب على الجميع أن يتهم نفسه بأنه السبب الرئيسي في خنق وشنق وإعدام قنوات الاتصال والتواصل مع الغير .
هناك مشكلة أخرى بل هي إشكالية وهي أننا إذا جلسنا للحوار نكون دائما متحفزين ونبحث عن نقاط الخلاف والشقاق ولا نبحث عن نقاط الالتقاء و الوفاق وسأذكر هنا كلاما جميلا قيما أعجبني عن ألوان الحوار السلبي للدكتور محمد المهدي سأذكره بتصرف حيث يعدد ألوان الحوار السلبي فيقول :-
1) الحوار ألعدمي ألتعجيزي : وفيه لا يرى أحد طرفي الحوار أو كليهما إلا السلبيات والأخطاء والعقبات وهكذا ينتهي الحوار إلى أنه " لا فائدة " ويترك هذا النوع من الحوار قدرا كبيرا من الإحباط لدى أحد الطرفين أو كليهما حيث يسد الطريق أمام كل محاولة للنهوض .
2) حوار المناورة: ينشغل الطرفان ( أو أحدهما ) بالتفوق اللفظي في المناقشة بصرف النظر عن الثمرة الحقيقية والنهائية لتلك المناقشة وهو نوع من إثبات الذات بشكل سطحي .
3) الحوار المزدوج : وهنا يعطي ظاهر الكلام معنى غير ما يعطيه باطنه وذلك لكثرة ما يحتوي من التو ريه والألفاظ المبهمة .. وهو يهدف إلى إرباك الطرف الآخر .. ودلالاته أنه نوع من العدوان الخبيث .
4) حوار الطريق المسدود: يعلن الطرفان ( أو أحدهما ) منذ البداية تمسكهما ( أو تمسكه ) بثوابت متضاده تغلق الطريق منذ البداية أمام الحوار وهو نوع من التعصب والتطرف الفكري وانحسار مجال الرؤية .
5) الحوار ألإلغائي أو ألتسفيهي: يصر أحد طرفي الحوار على ألا يرى شيئا غير رأيه وهو لا يكتفي بهذا بل يتنكر لأي رؤية أخرى ويسفهها ويلغيها . وهذا النوع يجمع كل سيئات الحوار السلطوي وحوار الطريق المسدود .
لا شك إن هناك علاقة بين الحوار والعنف هذه العلاقة علاقة تبادلية
، بمعنى أنه كلما كان الحوار نشطاً وإيجابياً وصحياً كلما قلت نزعات العنف ، وكلما انسدت قنوات الحوار أو ضاقت أو تقلصت كلما ازدادت نزعات العنف .
فباليتنا نبحث عن دفء الحوار والعمل للصالح العام قبل أن يضيع الوطن وساعتها سنذوق جميعا حرارة سيف العدو وعندها سنندم ولآت حين مندم .
كتبت هذه المقالة المتواضعة بعدما سمعت حكم رأي المحكمة في قضية إدراج الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب حيث قضت بعدم الاختصاص واعتقد ان الكرة الان ملقاه في ملعب قيادات الجماعة الإسلامية ونحن الآن في انتظار رد التحية " وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
7:59 ص
شارك:
0 التعليقات :