![]() |
جبهة إصلاح الجماعة الاسلامية |
شيخ الإسلام ابن تيمية ..الإمام الذى ظلمه اتباعه والناقلون عنه بغير فهم هو شيخ الإسلام ومفتى الأنام.. أحمد تقى الدين بن عبد الحليم ابن تيمية، كان رحمه الله تعالى لا نظير له فى زمانه.. رأساً فى الفقه والأصول بارعاً فى الحديث وعلومه له اليد الطولى فى معرفة القراءات والتفسير.. صنف التصانيف واشتهر اسمه وذاع صيته وكان فرد زمانه فى معرفة المذهب الحنبلى مفرط الذكاء متين الديانة كبير الشأن جرئ فى الحق طلق اللسان قوى البيان برع فى النحو والبلاغة وسائر العلوم وكان رحمه الله قوى التوكل على الله دائم الذكر كثير الصمت لن تراه إلا ذاكراً أو معلماً له أذكار يدمنها ولا يغفل عنها قال عنه تلميذه ابن القيم:" حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الصبح ثم جلس يذكر الله إلى قريب من منتصف النهار ثم التفت إلىّ وقال: هذه غدوتى ولو لم اتغد الغداء سقطت قوتى، وقال لى مرة : لم اترك الذكر إلا بنية إجمام نفسى واراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر".. كان رحمه الله واسع الفهم يقول عن نفسه: ربما طالعت فى الآية الواحدة مائة تفسير ثم اسأل الله الفهم وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمنى".. وقد اثنى العلماء الثقات عليه فقال عنه الذهبى :"هو أكبر من أن ينبه عليه مثلى، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أنى ما رأيت بعينى مثله وأنه ما رأى مثل نفسه".. وقال عنه الشيخ عماد الدين الواسطى بعد ثناء طويل جميل على الشيخ" فوالله ثم والله ثم والله لم يُرتحت أديم السماء مثل شيخكم ابن تيمية علماً وعملاً وحالاً وخلقاً واتباعاً وكرماً وقياماً فى حق الله عند انتهاك حرماته أصدق الناس عقداً وأصحهم علماً وعزماً وانفذهم وأعلاهم فى انتصار الحق وقيامه همة .. واسخاهم كفاً وأكملهم اتباعاً لنبيه محمد ، ما رأينا فى عصرنا هذا من تستجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل يشهد القلب الصحيح أن هذا الأتباع حقيقة" .. وقد سئل عنه ابن دقيق العيد بعد اجتماعه به كيف رأيته فقال:" رأيت رجلاً سائر العلوم بين عينيه يأخذ ما يشاء ويترك ما شاء" هذه نبذة موجزة عن حياة شيخ الإسلام بن تيمية لنعلم كيف أن هذا الرجل قد ظلمه اتباعه وتلاميذه والناقلون عنه بغير علم ولا فهم ؟ هذه نبذة لنرى كيف أن هذا الرجل كان شديد الحرص على إحقاق الحق والحرص على مصلحة الإسلام لنرى كيف كان هذا الرجل متواضعاً وثيق الصلة بربه وخالقه؟ محباً للناس مشفقاً عليهم وسمحاُ وباراُ بهم لا يعنفهم ولا يكفرهم ولا يدعوا إلى قتالهم وتفجيرهم مهما ارتكبوا من الذنوب والمعاصى.. والكلام عن مناقب الشيخ وسيرته أكبر من أن يحصى فى مقال فهو يحتاج إلى مجلدات.. وقد وقع للشيخ مع أهل عصره قلاقل وزلازل امتحن فيها الشيخ مرة بعد مرة وجرت فتن عديدة وقد ابتلى الشيخ بحسد الحاسدين ونميمة الواشين وتهكم الجهلة الموتورين فى زمانه.. ما جعل الناس ينقسمون حول حياته وفهم طبيعته إلى قسمين. أولهما : هضمه حقه وبالغ فى ذمه ورماه بالعظائم وذلك نتيجة للفهم الخاطئ لكلام الشيخ.. وثانى الفريقين على العكس من الأول بالغ فى الوصف حتى جاوز الحد وتعصب للشيخ كتعصبه للقرآن والسنة بل أشد ..والحق يقال أن كلا الفريقين على خطأ ولو كان الشيخ حياً ما وسعه إلا أن يقول ما نقوله عنه آلان فهو بشر غير معصوم يصيب ويخطئ ويحسن ويسيئ وهو إنسان له ما له وعليه ما عليه ..ويؤخذ من قوله ويرد عليه .. وهو عالم مجتهد قد يصيب الحق فى اجتهاده فله أجران وقد يخطئه فله أجر فهو مأجور على أى حال.. ويجب أن نتبع منهج أهل السنة والجماعة فى نقد الرجال فلا نجرح ولا نتهم ولا نسب ولا نعترض ولا نجرم إلا بدليل كما لا نسلم ولا نقبل إلا بدليل مماثل ومن أجرئ الفتاوى التى أفتى بها شيخ الإسلام تلك الفتوى التى تعرف بفتوى التتار حيث عاث جند التتار فى الأرض فساداً فاستباحوا الحرمات وانتهكوا المقدسات وأخذوا أموال المسلمين وذراريهم وخربوا من ديارهم ما لا يعلمه إلا الله ولم يكن معهم فى دولتهم إلا من كان من شر الخلق إما زنديق منافق لا يعتقد دين الإسلام فى الباطن وإما من هو من شر أهل البدع وإما من هو أفجر الناس وأفسقهم كان هذا حال التتار كما حكاه ابن تيمية وروته كتب التاريخ ولقد بنى ابن تيمية فتواه بوجوب قتال التتار على أصلين عظيمين هما معرفة حكم الله فى أمثال التتار والثانى معرفة أحوال التتار أنفسهم ومن أفضل الكتب التى كتبت فى فتوى التتار وهو كتيب صغير الحجم عظيم النفع للدكتور ناجح ابراهيم مراجعة وإقرار القيادة التاريخية للجماعة الاسلامية وهو ضمن سلسلة تصحيح المفاهيم وهو كتاب " فتوى التتار لشيخ الإسلام ابن تيمية دراسة وتحليل "وقد أفتى شيخ الإسلام هذه الفتوى فى ظروف معينة وبأوصاف محددة هذه الظروف وتلك الأوصاف لا تنطبق بحال من الأحوال على بلادنا ولا على حكامنا وشعوبنا ومن الظلم أن نقول أن ابن تيمية لو كان حيا ما وسعه إلا أن يطبق فتواه على واقعنا المعاصر فهذا خلل وقراءة خاطئة وفهم سقيم لكلام العلماء وهذا الفهم العقيم القاصر لمقاصد الشريعة ومراعاة حال المفتى والفتوى وزمنها يؤدى إلى خلل واضطراب فى المجتمتع ويؤدى إلى إثارة الفتنة والبلبلة لأنه يجعل الإنسان يعيش معزولاً عن عالمه ويبنى تصوراته وخيالاته على وهم خادع ومكر مقيت ومما يدل على كلامنا فعل ابن تيمية نفسه مع التتار فقد ورد أنه مرّ ومعه بعض أصحابه وتلاميذه على بعض جنود التتار وهم يشربون الخمر فأراد بعض أصحابه أن يفتك بهم وهم سكارى لا يقدرون على المقاومة فقال لهم شيخ الإسلام: دعهم فإن الله تعالى حرم الخمرلأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وأما هؤلاء فالخمر تمنعهم عن القتل والنهب والسلب".. انظر إلى فقه الرجل وتقديره للمصالح والمفاسد .. وانقل لكم مختصر مفيد من الكتاب الذى أشرنا إليه سابقاً والموسوم بـ "فتوى التتار دراسة وتحليل " للدكتور ناجح حيث جاء فيه الإجابة على السؤال الذى اضطربت الأفهام فى فهم كلام ابن تيمية وهو هل يجوز تنزيل الفتوى إلى واقع المسلمين اليوم ليجاز بها قتال حكام المسلمين؟ ونجيب على ذلك فى نقاط: أولا: أن الأحكام الشرعية تبنى على عللها وأنها تدور مع العلة وجوداً وعدماً ويشترط فى العلة التى يبنى عليها الحكم أن تكون مؤثرة فى الحكم وأن تكون وصفاً منضبظاً وأن تكون وصفاً مناسباً للحكم وأن تكون وصفاً متعدياً وأن تكون علة من الأوصاف التى لم يلغ الشرع اعتبارها ثانياً : ان الاوصاف التى بنى عليها ابن تيمية فتواه بوجوب قتال التتار يشترط ان توجد فى حكومات المسلمين اليوم لكى يصح نقل الفتوى إلى واقع المسلمين.. وبالنظر إلى حال المسلمين وحكامهم اليوم فإن أكثر الأوصاف لا توجد فى حكومات المسلمين ولا يصح تعميم الفتوى إلا على واقع مماثل تماماً لواقع وحال التتار وشتان بين حكام التتار الكفار وبين حكام المسلمين اليوم ثالثاً : الواقع المرير الذى تحياه الأمة اليوم يشهد صراحة أن الخطر الذى يمثله التتار من قبل إنما يمثله اليوم تمثيلاً كاملاً دولة اليهود " إسرائيل" وغيرها من دول الغرب التى تدق ناقوس الحرب ما بين الفينة والأخرى رابعاً: أن المماليك الذين آزرهم ابن تيمية وغيره من العلماء من قبل كانوا أقرب إلى حكام اليوم فى حكمهم ببعض الشريعة دون بعض وفى وجود بعض القصور تجاه الإسلام وأحكامه ومع ذلك اعتبرهم ابن تيمية مقاتلين ومدافعين عن الإسلام وحاملين لرايته وعلى ذلك يكون حكام اليوم بفهم ابن تيمية كالمماليك فلا يجوز قتالهم بل يجب مناصرتهم ضد تتار العصر والقول بغير ذلك هو إنزال للحكم على غير واقعه الصحيح أو نقلاً من واقع له موصفات معينة إلى واقع آخر لا يمت بصلة للواقع الذى أطلقت فيه الفتوى خامساً : أن الله لايكلف نفساً إلا وسعها وعلى ذلك فلا يجوز للإنسان أن يكلف نفسه بالشاق من الأعمال ليصل إلى منفعة غير محققة ولكن عليه تحصيل الممكن ليحقق ما أمكنه من إقامة الحق وإشاعة الخير ونشر العدل سادساً : النزول من المثل الأعلى إلى الواقع الأدنى لا يجوز أو يخالف المعهود وقد سئل الإمام أحمد عن أمير قوى ولكنه فاجر وآخر صالح لكنه ضعيف مع أيهما يجاهد؟ فقال رحمه الله تعالى:"أما القوى الفاجر: ففجوره فى نفسه وقوته للمسلمين وأما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه على المسلمين يجاهد مع القوى ولو كان فاجراً سابعاً ارتكاب أخف الضررين دفعاً للضرر الأكبر وتفويت أدنى المصلحتين تحصيلاً لأعلاهما فلا يجوز أنكار المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر منه خلاصة القول: أن ابن تيمية عالم ربانى ظلمه اتباعه والناقلون عنه بغير ما يقصد ولا يجوز إنزال الفتوى إلا على واقع مماثل تماما لما قيلت فيه وهو ما يدل على سماحة الإسلام وبساطته ورحمته وصلاحيته لكل زمان ومكان فالفتوى لها أهلها والمتخصصون فى شأنها ولا يجوز لكل من هب ودب أصدار الفتاوى التى تجر إلى البلاوى وتذهب بنا فى واد سحيق .. يا ايها المفتون بغير علم علموا أنفسكم أولاً ولا تقحموا كلام العلماء فى فتاويكم يرحمكم الله ..
4:16 ص
شارك:
0 التعليقات :